الاثنين، 30 أبريل 2018

الحلقة الرابعة :الفصلC11 ـ ذكريات معهد تدريب المعلمين (T.T.I)


الحلقة الرابعة : الفصلC11
(1) الفصل C11 لنا فيها ذكريات رائعة فقد قضينا فيه اوقات جميلة ، فليس هو فصل دراسي علي قطعة جغرافية وكفي ،، بقدر ما هو مساحة وجدانية للتآخي والمحبة ، تعلمنا فيه كل فنون الحياة ونهلنا من ينابيع المعرفة في شتي المجالات ، فقد كنا طلاب ولكن معلمينا ومدرسينا لم يكونوا مدرسين تقليديين تقتصر علومهم في المنهج المحدد في كتب المقرر ، فهم علماء ورسل يحملون تنوع ثقافي من العلوم الانسانية التي تشكل متعة للعقل وراحة للقلوب .

(2)كنا فيه مايربوا الاربعين دارساً ، والمقررات الدراسية هي مادة اللغة العربية طاهر ومن بعده بخيت ، والانجليزية كاثرين ، والجغرافيا شابيلاي، والتاريخ اسماعيل ، والمنطق الرياضي احمد ، الادارة عبدالله ، وعلم النفس ادريس (الاجتماعي ، الاكلنيكي ، والشخصية...التربوي الخ ) ، ومادة اصول التدريس محمود ، حسب التخصص الاكاديمي ، لان هناك اقسام لمعلمي الرياضة ، الفنون والموسيقي ، والمجال الزراعي ،وغيرها .

(3) في هذا الفصل شهدنا اكبر المعارك التنافسية ، والنقاشات الجادة ، كانت فترة الحصة تستغرق الساعة أو الساعة والنصف في حالة التطبيق ، أكثر المعلمين اسهابا في ادق تفاصيل المادة هو الاستاذ الراحل المقيم محمود محمد خير ، فهو خبير تربوي بمعني الكلمة ، سريع السرد وواضح الشرح ، لايكلف نفسه عناء اختيار الكلمات والمعاني يخيل اليك انه حافظ المقرر ، لم يدخل قط الفصل حاملا كتاب المقرر ، اللهم احيانا يدخل حاملاً بعض الوسائل التعليمية ، طريقة سرده بسيطة ، ويكتب خلاصة المعلومة في السبورة ، له في مهنية الالقاء براعة فائقة .

(4) المواقف التي لاتنسي ، في هذا الفصل ونحن في بداية الايام الاولي قرينتي في درج الدراسة الزميلة خديجة ، ونحن في عمق الحصة ، فجئة احسست ان شيئاً يسحبها من تحت الدرج ، ولم افطن لحالها الا بعد سقوطها كعجينة ملفوفة بقماش حريري ، وقفز الفصل كله ، والزميلات يصرخن ويبكين باصوات عالية ، واغلب الزملاء دخلوا في ذهول تام ، وقد حملناها بايدينا وهي فاقدة الوعي تماما الي عيادة المعهد ، وكل الفصل وقف امام العيادة ، كانها تظاهرة مما لفت الادارة ، انهت التجمع بسرعة وامرتني بالدخول للفصل ،وثم صدر تنبيهات عاجلة القاها علينا مدير المعهد (مبرهتو) في الفصل حظرنا من تتكرر مثل هذه الظواهر ، وقلل من شأن الحالة مستدلا بتجارب النضال الارتري الذي ضاق فيه الشعب الارتري مصاعب جم ، كانت الزميلة خديجة تعاني من نوبات قلبية في فترات متفاوتة ، وكنا دائما نراقب حالها وهاجس المرض لم يبارحنا طول الفترة الدراسية .

(5) ومن المواقف المحزنة ، لا انسي حكاية مادة اللغة العربية ، في اختيار الامثلة التي تناسب بيئة التلميذ ، وحكي لنا استاذ المادة أن احد المدرسين عين حديثاً ، وصادف مكان عمله في احدي ارياف جنوب السودان ، وكتب لهم مثال علي النحو التالي : ( لمس الولد الاسد ) وقام احد التلاميذ وقال للاستاذ : والله كذاب ..! وساله الاستاذ : من الكذاب؟ ورد التلميذ : الولد مايقدر يلمس الاسد ، وفهم المعلم الخطأ وغير المثال مع تقبل وجهة نظر التلميذ ، وكان مثالا رائعاً ،أدخل في نفوسنا شيئا من المتعة ، وكذلك ترك فينا استدراك وجداني لاينسي ، وذلك الاستاذ القدير هو الطاهر فك الله أسره ، الذي لم يعد بعدها الي رواق الفصل ، بسبب الاعتقال الذي طاله ، وطال معه مجموعة كبيرة من معلمي المعاهد الدينية ، والمدارس العربية ، فكانت صدمة للجميع .. يتبع >>> الحلقة القادمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق