الحلقة
الرابعة : الفصلC11
(1)
الفصل C11 لنا فيها ذكريات رائعة فقد قضينا فيه اوقات جميلة ، فليس هو فصل
دراسي علي قطعة جغرافية وكفي ،، بقدر ما هو مساحة وجدانية للتآخي والمحبة ، تعلمنا
فيه كل فنون الحياة ونهلنا من ينابيع المعرفة في شتي المجالات ، فقد كنا طلاب ولكن
معلمينا ومدرسينا لم يكونوا مدرسين تقليديين تقتصر علومهم في المنهج المحدد في كتب
المقرر ، فهم علماء ورسل يحملون تنوع ثقافي من العلوم الانسانية التي تشكل متعة
للعقل وراحة للقلوب .
(2)كنا
فيه مايربوا الاربعين دارساً ، والمقررات الدراسية هي مادة اللغة العربية طاهر ومن
بعده بخيت ، والانجليزية كاثرين ، والجغرافيا شابيلاي، والتاريخ اسماعيل ، والمنطق
الرياضي احمد ، الادارة عبدالله ، وعلم النفس ادريس (الاجتماعي ، الاكلنيكي ،
والشخصية...التربوي الخ ) ، ومادة اصول التدريس محمود ، حسب التخصص الاكاديمي ،
لان هناك اقسام لمعلمي الرياضة ، الفنون والموسيقي ، والمجال الزراعي ،وغيرها .
(3) في
هذا الفصل شهدنا اكبر المعارك التنافسية ، والنقاشات الجادة ، كانت فترة الحصة تستغرق
الساعة أو الساعة والنصف في حالة التطبيق ، أكثر المعلمين اسهابا في ادق تفاصيل
المادة هو الاستاذ الراحل المقيم محمود محمد خير ، فهو خبير تربوي بمعني الكلمة ،
سريع السرد وواضح الشرح ، لايكلف نفسه عناء اختيار الكلمات والمعاني يخيل اليك انه
حافظ المقرر ، لم يدخل قط الفصل حاملا كتاب المقرر ، اللهم احيانا يدخل حاملاً بعض
الوسائل التعليمية ، طريقة سرده بسيطة ، ويكتب خلاصة المعلومة في السبورة ، له في
مهنية الالقاء براعة فائقة .
(4)
المواقف التي لاتنسي ، في هذا الفصل ونحن في بداية الايام الاولي قرينتي في درج
الدراسة الزميلة خديجة ، ونحن في عمق الحصة ، فجئة احسست ان شيئاً يسحبها من تحت
الدرج ، ولم افطن لحالها الا بعد سقوطها كعجينة ملفوفة بقماش حريري ، وقفز الفصل
كله ، والزميلات يصرخن ويبكين باصوات عالية ، واغلب الزملاء دخلوا في ذهول تام ،
وقد حملناها بايدينا وهي فاقدة الوعي تماما الي عيادة المعهد ، وكل الفصل وقف امام
العيادة ، كانها تظاهرة مما لفت الادارة ، انهت التجمع بسرعة وامرتني بالدخول
للفصل ،وثم صدر تنبيهات عاجلة القاها علينا مدير المعهد (مبرهتو) في الفصل حظرنا
من تتكرر مثل هذه الظواهر ، وقلل من شأن الحالة مستدلا بتجارب النضال الارتري الذي
ضاق فيه الشعب الارتري مصاعب جم ، كانت الزميلة خديجة تعاني من نوبات قلبية في
فترات متفاوتة ، وكنا دائما نراقب حالها وهاجس المرض لم يبارحنا طول الفترة
الدراسية .
(5) ومن
المواقف المحزنة ، لا انسي حكاية مادة اللغة العربية ، في اختيار الامثلة التي
تناسب بيئة التلميذ ، وحكي لنا استاذ المادة أن احد المدرسين عين حديثاً ، وصادف
مكان عمله في احدي ارياف جنوب السودان ، وكتب لهم مثال علي النحو التالي : ( لمس
الولد الاسد ) وقام احد التلاميذ وقال للاستاذ : والله كذاب ..! وساله الاستاذ :
من الكذاب؟ ورد التلميذ : الولد مايقدر يلمس الاسد ، وفهم المعلم الخطأ وغير
المثال مع تقبل وجهة نظر التلميذ ، وكان مثالا رائعاً ،أدخل في نفوسنا شيئا من
المتعة ، وكذلك ترك فينا استدراك وجداني لاينسي ، وذلك الاستاذ القدير هو الطاهر
فك الله أسره ، الذي لم يعد بعدها الي رواق الفصل ، بسبب الاعتقال الذي طاله ،
وطال معه مجموعة كبيرة من معلمي المعاهد الدينية ، والمدارس العربية ، فكانت صدمة
للجميع .. يتبع >>> الحلقة القادمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق