الاثنين، 20 يناير 2020

قناديل خالدة (4)





ان الابحار في عالم الذكريات جميل وممتع ، وسعادتي تزداد قبطة وحبوراً كلما اوغلت وتعمقت في تفاصيل حياة من اكن له الاحترام والتقدير ، ومن السهل الكتابة حول المواقف المحزنة ، وحياة سادتها المرارات والالام  ، ولكن من النادر ان نكتب عن  الافراح وحياة السعادة لان الوقت يمر في غمرة النشوة .

 بحلول يوم 18يناير 2020 تمر ثمانية عشرة عاماً علي رحيل طيبة الذكر والسيرة الاستاذة / مني ادم نورالدين ، جمعتنا مهنة التدريس ، وهموم  نشر العلم  ، ورفع وعي المجتمع ، وخضنا مع زملائنا حرب بلا هوادة علي الجهل ، وهي عملية لاتنتهي بمقدار من السنوات بل تستمر لعقود وسلسلة اجيال .
قضينا قبل الزواج  فترة السنتين كانت كفيلة بمعرفة بعضنا البعض ، والوصول  للقرار جاء نتيجة الممارسة الميدانية في الحياة العملية .. في الريف والحضر ، في ظروف الحلوة والمرة ، وتم الزواج في السابع من سبتمبر 1997م وهو يوافق تاريخ استشهاد القائد البطل الشهيد /عمر حامد ازاز ، ولم يكن صدفة وانما اختيار عن قصد ،لأهمية الحدث في ذاكرة تاريخ نضالات الشعب الارتري .


اتيحت لنا زيارة كثير من المدن الارترية بعد الزواج  ، وكذلك بعض المناطق من الامصار والارياف ، ولنا انطباعات ومدونات وذكريات ليس بحوزتي في الوقت الحالي ، زارتني في مواقع العمليات العسكرية   في جبهات القتال ابان الحرب الاخيرة مع اثيوبيا ، وبعد دخولي السودان في فبراير 1999 ، لحقت بي بعد خمسة اشهر ، وكان دخولها الي السودان بمثابة معجزة بسبب القيود التي فرضت عليها من قبل النظام ، بتقييد حركتها واجبارها بالمكوث في حقات ، وقد عانت هي واسرتي ، من توقيف مرتبي ، وكذلك باعتقال والدي واقامته تحت الاقامة الجبرية بعد اطلاق سراحه ، والتوقيع علي دفتر الحضور والانصراف يوميا  في ادارة مدينة حقات .

احتضنتنا القضارف ورحبت بنا ، ولكن لم تستمر سعادتنا  طويلاً ، بسبب المرض اللعين الذي ألم بها ، وتحولت حياتنا  لترحال دائم بين المستشفيات ومراكز الاستشفاء ،وبعد تحديد المرض وتشخيصه استقرينا في مستشفي السلاح الطبي بالخرطوم ، وكانت تتلقي العلاج فيه ، وبدأ الغسيل بالبرتوني شهرياً ، وثم تحول الي الغسيل الدموي ، حتي جاء قدر الرحيل في يوم الجمعة 18يناير 2002م .. راضية مرضية ، والحمد لله علي كل حال .
ورغم رحيل الجسد فهي باقية بروحها وسيرتها العطرة ، تغمدها الله بواسع رحمته وعظيم مغفرته ، واسكنها فيسح جنانه مع الصديقين والشهداء واولئك رفيقاً ، انا لله وانا اليه راجعون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق