ان الابحار في عالم الذكريات جميل وممتع ، وسعادتي
تزداد قبطة وحبوراً كلما اوغلت وتعمقت في تفاصيل حياة من اكن له الاحترام والتقدير
، ومن السهل الكتابة حول المواقف المحزنة ، وحياة سادتها المرارات والالام ، ولكن من النادر ان نكتب عن الافراح وحياة السعادة لان الوقت يمر في غمرة
النشوة .
بحلول يوم
18يناير 2020 تمر ثمانية عشرة عاماً علي رحيل طيبة الذكر والسيرة الاستاذة / مني
ادم نورالدين ، جمعتنا مهنة التدريس ، وهموم
نشر العلم ، ورفع وعي المجتمع ،
وخضنا مع زملائنا حرب بلا هوادة علي الجهل ، وهي عملية لاتنتهي بمقدار من السنوات
بل تستمر لعقود وسلسلة اجيال .
قضينا قبل الزواج
فترة السنتين كانت كفيلة بمعرفة بعضنا البعض ، والوصول للقرار جاء نتيجة الممارسة الميدانية في الحياة
العملية .. في الريف والحضر ، في ظروف الحلوة والمرة ، وتم الزواج في السابع من
سبتمبر 1997م وهو يوافق تاريخ استشهاد القائد البطل الشهيد /عمر حامد ازاز ، ولم
يكن صدفة وانما اختيار عن قصد ،لأهمية الحدث في ذاكرة تاريخ نضالات الشعب الارتري
.
اتيحت لنا زيارة كثير من المدن الارترية بعد الزواج ، وكذلك بعض المناطق من الامصار والارياف ، ولنا
انطباعات ومدونات وذكريات ليس بحوزتي في الوقت الحالي ، زارتني في مواقع العمليات
العسكرية في جبهات القتال ابان الحرب الاخيرة مع اثيوبيا
، وبعد دخولي السودان في فبراير 1999 ، لحقت بي بعد خمسة اشهر ، وكان دخولها الي
السودان بمثابة معجزة بسبب القيود التي فرضت عليها من قبل النظام ، بتقييد حركتها واجبارها
بالمكوث في حقات ، وقد عانت هي واسرتي ، من توقيف مرتبي ، وكذلك باعتقال والدي
واقامته تحت الاقامة الجبرية بعد اطلاق سراحه ، والتوقيع علي دفتر الحضور
والانصراف يوميا في ادارة مدينة حقات .
احتضنتنا القضارف ورحبت بنا ، ولكن لم تستمر
سعادتنا طويلاً ، بسبب المرض اللعين الذي
ألم بها ، وتحولت حياتنا لترحال دائم بين
المستشفيات ومراكز الاستشفاء ،وبعد تحديد المرض وتشخيصه استقرينا في مستشفي السلاح
الطبي بالخرطوم ، وكانت تتلقي العلاج فيه ، وبدأ الغسيل بالبرتوني شهرياً ، وثم
تحول الي الغسيل الدموي ، حتي جاء قدر الرحيل في يوم الجمعة 18يناير 2002م ..
راضية مرضية ، والحمد لله علي كل حال .
ورغم رحيل الجسد فهي باقية بروحها وسيرتها العطرة ،
تغمدها الله بواسع رحمته وعظيم مغفرته ، واسكنها فيسح جنانه مع الصديقين والشهداء
واولئك رفيقاً ، انا لله وانا اليه راجعون .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق