الجمعة، 28 أغسطس 2020

#أحمد & #عبير*

 دا القِبيل راجِينُو نحنا يوم تبشِّر بيهُ غيمة

لما تَمْــــطِر يوم علينا الفَرحْ يَملا المَدينة


1) كُلما هبت نسمة ، نتوقع خبر سار يثلج الصدور ويملأ الفرح المدينة ، ينابيع تتفجر دواخلنا تملأ الجوف سكينة ، وكلما غنت العصافير علي شرفة البيت السعادة تملأ نفوسنا والفرح يفضح المشاعر الدفينة ، والغبطة تُبان في المقل ، تعترينا امل العودة للبراري والسهول الجميلة ، وحدائق بلدنا والتلال اطراف المدينة ، نودع الغابات الاسمنتية ، نرجع للتُكل والقطية ،والهمبريب والعنقريب أَبوحبل ، ولروعة الريف وجمال الطبيعة والنفوس البريئة ،نُشَيِّد الرِّيدُورا ونقِيم الأَبْلُورَا ، ونعيد الذكريات الليل والسهرعلي نار تُقابة المجاذيب ،ودعوات الشيوخ والاباء وحفاظ كتاب الدين ،نعيد روائع الحديث وفنون الخطب من نثر وشعر ونغم ترقص علي مواله الورد والشجر،و فنون الجفرا ،والسوميا وأناشيد السَّحر، نودع تشكيلات الحصون الافرنجية وخوازيق الطفرة العمرانية .
2) في بلادي دنيا أُخري بعد اصفرار الشمس ، في بلادي لاتشرق الشمس وانما تتلفح السماديت و بياض الثياب وتتوضأ علي رذاذ المطر ،وتتمدد علي بساط السُّحب ، وفي الليل تِنجَلي الشمس وراء الحسناوات حينما يرخِين ضفائرهن وتبان وجوهن أقماراً ونجوماً ، يتالقن في نثر الافراح كثريات الليل ونجف القصور علي المدينة والقري وفي كل دار ومسكن .
3) ليس حُلماً ولا ادغاث هي الحقيقة ، بلادي بلاد الجمال والقلوب الطيبة ، اينما حل انسانها كالغيث نفع ، وجمع حوله كرحيق الزهرة فراشات الحديقة ، نحن علي موعد مع (أحمد) و(عبير) مشكاة ونور ، أحمد كاسمه طبع واخلاق ، فيه خلق المصطفي ، واحسان التَّقي ، فيه الادب الوقور ومنه تنداح ينابيع المناهل منه تزدان عقول الدارسين ، ومن مجلسه تنبعث انوار العلوم ، واسرار الابتكار ، في موعدنا القادم في التاسع والعشرين من اغسطس قبل دخول سبتمبر المجيد شهرنا المعتق كرنفال الانعتاق وامجاد التاريخ ، تتعالي اصوات الارض لتعانق نجوم وكواكب السماء في ليلة العمر ولا كل الليالي في قاهرة المعز ارض الكنانة التي ضمتنا مع اطيب شعب عريق في ارض الانبياء.
4) في موكب كرنفال (العَبير ) ومهرجان الاحمد النبيل ، تتوضأ الارض بندي الفرح وتصلي علي بساط المحبة ، في ضاحية المدينة ،بمباركة الاباء ودعوات الصالحين ،لتعم الفرحة كل الدنيا ، والدنيا تبقي عيد ، نحن نبارك والرب يبارك ،وعقبال كل الشباب والشابات تجمعكم الايام الحلوة في قفص السعادة وقصور الفرح المديد ، وتهانينا لهما بعدد النجوم والازهار ، مع امنياتنا بذرية صالحة وحياة زوجية سعيدة . ألف مبروك بيت مالٍ وعيال .

الأحد، 5 أبريل 2020

شعبنا بين أمرين احلاهما مر !‏


‏ (1) اضحي الوطن وخاصة شعبنا في الخارج بين امرين احلاهما ‏مر ، شبيه بين نزاع أبوقُنفذ والضَّبع حول الجَّمل ، الاول يحاول ‏ان يدخله في جحر اعتقاداً منه انه يُحسن اليه صُنعاً ويكسبه الي ‏جانبه ، والاخر يضلله بخبث ليدخله الغابة بغرض الانقضاض ‏عليه ويلتهمه كوجبة دسمة. وبصرف النظر من هو في مكانة القُنفذ ‏أو الضبع ُ؟ يبقي الجمل هو "الضحية" الذي تتقاذفه تيارات السياسة ‏، ورياح الساسة . ‏
‏(2) اذا تمعنا جليا في الواقع الارتري رضينا ام أبينا أن الحقيقة ‏الماثلة كنهار الشمس لا يختلف فيها شخصان ولايتناطح فيها عنزان ‏ان ((جيشنا الشعبي)) هو صمام الامان ، وأي محاولة تغيير ‏بخلافه لاتعدو مجرد امال وامنيات تتصاعد كفقاعات ورغوة ‏خواء مع الهواء ، وبعيداً عن التهوين والتخوين لبعضنا البعض ‏،لاننا اعتدنا علي تجريم كل من يخالفنا في الراي ، دون ان نعلم ‏اننا بذلك نؤد الديمقراطية ، ونخالف مبدأ حرية التعبير ،أن جيشنا ‏الشعبي هو الوحيد الذي يمتلك زمام الامور ، ويصنع المبادرات ‏وتستجاب له النداءات لماذا ؟ لانه الممثل الحقيقي للدولة ، وكل ‏الصكوك بيده ، ودونه لا يوجد ضامن حقيقي للاحداث التغيير ‏الايجابي ويحافظ علي سيادة الوطن وهيبة الدولة .‏
‏(3) ومادامت الامور هكذا فالنترك الناس في حالها ، تختار ما تراه ‏مناسباً وماتمليه عليها ضمائرها .. فقد يسأل سائلٌ عن ما اريد ‏الوصول اليه ..!! الموضوع بسيط .. نعمل جرد حساب للثلاثين ‏عاما الماضية التي تلت الاستقلال ..! ونشوف النتيجة ؟؟، بتوجيه ‏سؤال برئ بدون عصبية او تشنج افكار .. ماذا انجزنا وفي ماذا ‏اخفقنا مقارنة بالنظام ضمناً ؟ ‏
سوف اترك لكم مجال الرد .. براحتكم .‏
‏(4) والمعطيات ان الجيش الشعبي الارتري قد دحر كل محاولات ‏الاعداء الخارجية ،وحافظ علي وحدة البلاد ، وصمد امام كل ‏التحديات والمخاطر الداخلية والخارجية ، وبرهن للعالم انه صلد ‏مثل الصخرة الصماء امام الامواج العاتية لايمكن قهرها ، والجيش ‏الشعبي قام بمحاولات ايجابة في تغيير النظام من الداخل ، والامل ‏معقود عليه مهما طال زمان الانتظار . ‏
‏(5) من يريدُ منافسة الجيش الشعبي فاليوحد الناس في هدف محدد ‏وحدة الصف الوطني ينبع من الاحساس بالمسؤولية والانتماء ‏للوطن لا للافكار السياسية والعقائد الايدلوجية ، وتجميع الامكانيات ‏والجهود المعنوية والمادية ، فيما ينفع شعبنا اينما وجد في بناء ‏مدرسة أو مستشفي في بلاد المهجر ومخيمات اللجوء ، نعمل ‏صناديق تنمية حقيقية بدلا من الاسراف في الدعاية ومضيعة الوقت ‏في الاجتماعات واللقاءات التي تنتهي بالبيانات والانشطارات .‏
‏(6) بالمناسبة سوف تُسال يوما اذا لم تكن انت فأبناؤك .. ماذا ‏قدمت للوطن ..؟ فالحساب ولد لايستثني أحد ، فما تراه اليوم مجرد ‏التفكير فيه حرام وجريمة قد تجدها غداً انك كنت في ضلال وغواء ‏، فكل مواطن عليه ضريبة ، فاعلم قبل فوات الاوان اين يتم ‏سدادها ..؟

الاثنين، 20 يناير 2020

قناديل خالدة (4)





ان الابحار في عالم الذكريات جميل وممتع ، وسعادتي تزداد قبطة وحبوراً كلما اوغلت وتعمقت في تفاصيل حياة من اكن له الاحترام والتقدير ، ومن السهل الكتابة حول المواقف المحزنة ، وحياة سادتها المرارات والالام  ، ولكن من النادر ان نكتب عن  الافراح وحياة السعادة لان الوقت يمر في غمرة النشوة .

 بحلول يوم 18يناير 2020 تمر ثمانية عشرة عاماً علي رحيل طيبة الذكر والسيرة الاستاذة / مني ادم نورالدين ، جمعتنا مهنة التدريس ، وهموم  نشر العلم  ، ورفع وعي المجتمع ، وخضنا مع زملائنا حرب بلا هوادة علي الجهل ، وهي عملية لاتنتهي بمقدار من السنوات بل تستمر لعقود وسلسلة اجيال .
قضينا قبل الزواج  فترة السنتين كانت كفيلة بمعرفة بعضنا البعض ، والوصول  للقرار جاء نتيجة الممارسة الميدانية في الحياة العملية .. في الريف والحضر ، في ظروف الحلوة والمرة ، وتم الزواج في السابع من سبتمبر 1997م وهو يوافق تاريخ استشهاد القائد البطل الشهيد /عمر حامد ازاز ، ولم يكن صدفة وانما اختيار عن قصد ،لأهمية الحدث في ذاكرة تاريخ نضالات الشعب الارتري .


اتيحت لنا زيارة كثير من المدن الارترية بعد الزواج  ، وكذلك بعض المناطق من الامصار والارياف ، ولنا انطباعات ومدونات وذكريات ليس بحوزتي في الوقت الحالي ، زارتني في مواقع العمليات العسكرية   في جبهات القتال ابان الحرب الاخيرة مع اثيوبيا ، وبعد دخولي السودان في فبراير 1999 ، لحقت بي بعد خمسة اشهر ، وكان دخولها الي السودان بمثابة معجزة بسبب القيود التي فرضت عليها من قبل النظام ، بتقييد حركتها واجبارها بالمكوث في حقات ، وقد عانت هي واسرتي ، من توقيف مرتبي ، وكذلك باعتقال والدي واقامته تحت الاقامة الجبرية بعد اطلاق سراحه ، والتوقيع علي دفتر الحضور والانصراف يوميا  في ادارة مدينة حقات .

احتضنتنا القضارف ورحبت بنا ، ولكن لم تستمر سعادتنا  طويلاً ، بسبب المرض اللعين الذي ألم بها ، وتحولت حياتنا  لترحال دائم بين المستشفيات ومراكز الاستشفاء ،وبعد تحديد المرض وتشخيصه استقرينا في مستشفي السلاح الطبي بالخرطوم ، وكانت تتلقي العلاج فيه ، وبدأ الغسيل بالبرتوني شهرياً ، وثم تحول الي الغسيل الدموي ، حتي جاء قدر الرحيل في يوم الجمعة 18يناير 2002م .. راضية مرضية ، والحمد لله علي كل حال .
ورغم رحيل الجسد فهي باقية بروحها وسيرتها العطرة ، تغمدها الله بواسع رحمته وعظيم مغفرته ، واسكنها فيسح جنانه مع الصديقين والشهداء واولئك رفيقاً ، انا لله وانا اليه راجعون .

الأحد، 19 يناير 2020

قناديل خالدة (3)




قرية ( دُلُكْ) تقع في سهل خصب ، تقطنها مجموعة قبائل تكون نسيج اجتماعي حضري ذي طابع محافظ  ، السواد الاعظم  من التقري والحدارب  ، وما يميز القرية حداثة البنية التحتية من المنشآت والمباني لذا كانت محل جذب توافد العائدين بعد الاستقلال من منافي اللجوء وخاصة من مخيمات شرق السودان .
أهم المرافق التي شيدتها الحكومة مدرسة اساس ومستشفي ومقر ادارة الضاحية ، بجانب ثلاثة موارد مائية بمايسمي (الدريل) ، وكذلك تخطيط السوق بشكل عصري ، وتنظيم بناء المنازل ، تتكون المدرسة من اربعة  فصول دراسية  ومكتبين للادارة  ، بجانب سكن المعلمين الذي يتكون من ثلاثة حجرات وصالة . جميع مباني المدرسة مشيدة  من البلوك والاسمنت ، بسقف من الزنك ،
كان ذلك في مفارق  سبتمبر1996 ، نهاية فصل الخريف وبداية فصل الشتاء الذي  تتعري الارض  متجردة  من ثيابها وتظهر تفاصيل مفاتنها  و جسدها المغري المطلي بالذهب الخالص  ، تعطيك احساس بالفخامة ، والشعور الخرافي  بمتعة الاجواء المشمسة مع اعتدال الطقس ، اتينا اليها في رحلة اقرب الي ترحال ايام النضال بعربات الداف والماك  ، طريق وعر تتخلله اودية متفرقة لاتعد ولاتحصي ، تبدأ رحلة الشقاء تلك من منطقة انقرني ، حتي دخول سهل المنطقة الممتد عشرات الاميال من موقع القرية .
اهم مايميز المنطقة السهل الخصيب المحاط بسلسلة جبلية وخاصة من الجنوب سلسلة جبال دمبلاس ، اهم المناطق الحضرية التي تقع في امتداد ذلك الطريق قرية (عدكوكوي ) وقرية سيدنا محمد طاهر ،وجميعها بما فيها دُلك تتبع ادارياً لمحافظة منصورة ،
حقيقة احببت المنطقة من أول وهلة ، أحببت فيها الهدوء والبساطة ، وتوفر مقومات الحياة الكريمة  ، من مستلزمات المعيشة ، بسعر المدينة ، بجانب وفرة الثروة الحيوانية ،وهذا مفيد جداً لنا بالذات ، وتأتي الخُضر والفاكهة بشكل يومي من اغردات .. فهناك البص الذي ينطلق صباحاً ويعود حاملاً الناس ومستلزماتهم في المساء .
في اول يوم لنا قضينا الثلث الاول من الليل  في مقاهي السوق المتواضع ، وبعد العشاء والقهوة فيه عدنا الي المدرسة وارتمينا في نوم عميق ،  قضاء الحاجة في العراء فبالرغم من وجود مراحيض وحمامات الا أن الاودية الصغيرة والكثيرة  حول المنطقة جاذبة للغرض وبالاخص  ايام العطلات وفي الامسيات .

بعد عملية التسليم والتسلم وتعريفنا بالمنطقة ،بشقيها الرسمي والشعبي ، غادرنا  الزميل عبدالله الي مكان عمله الجديد  ، وبقينا نحن الاربعة ادريس محمدعثمان مدير المدرسة عمل ثلاثة عشر سنة في حقل التعليم السوداني  ، عبدالله سالم من خريجي كلية الزراعة بليبيا ومن ابناء امبيرمي ، عثمان صالح درس في ليبيا ايضاً وخريج جامعي من ابناء ماي حبار بالقرب من منطقة نفاسيت ،
قمنا بنظافة المدرسة من الاعشاب بالحرق والكنس ،  وترتيب الامور  الادارية .. اجتمعنا مع لجنتها ، وهيأنا الاحوال لبدء العام الدراسي  ، وأنشأنا الفصل الخامس من المواد المحلية ، وذلك الفصل يشيد سنوياً لوجود النمل الابيض(الارضة)  بشكل فظيع ، حتي اذا سقط ثوبك ليلا علي الارض من السرير لاتستغرب اذا وجدت  بعض اجزاءه قد تلف .
بعد بدء الدراسة باسبوعين تقريباً ، التحق بنا مدرس للغة الانجليزية والتجرينية  اسمه مكئيلي  شاب في عمر العشرين   من ابناء  ضواحي مدينة مندفرا . ومن بعده بايام اكتمل العدد بوصول الزميلة / مني ادم نورالدين ، كان ذلك اليوم بمثابة ميلاد فجر جديد بالنسبة لي لا اعرف بالضبط الاسباب ، ولكن يمكنني القول  انشرح صدري لرؤيتها بالرغم من تمتعها  بقوة الشخصية  ، كانت فتاة صارمة وجادة ، وكنت اول من حظي باستقبالها برفقة التلاميذ الذين حملوا اشيائها من البص الي مباني المدرسة  من شنطة ملابس وغيرها من المستلزمات الشخصية   ، كانت الاستاذة مني الوحيدة المتبقية من الطاقم  القديم ، ولذا كانت هي الدليل والمرشد  الذي نعتمد عليها في كل صغيرة وكبيرة ، وفعلياً كانت هي من تدير دفة الامور .لانها المعروفة لدي الجميع عند التلاميذ وشعب المنطقة ، والادارات الرسمية والشعبية ، وبحضورها ذللت الصعاب ، وبدأت الوفود تاتي الي المدرسة تباعاً وخاصة العنصر النسائي .

يتبع الحلقة الرابعة >>>> 

الجمعة، 17 يناير 2020

قناديل خالدة (2)



مرت سنوات الوثاق كفاصل أو ومضة من سنا الفجر الجميل ، لتُخلِّد ذكريات يانعة ، و موال من الهمسات المُترعة  ، وعبير من الزهرات الفواحة ، وتلك السنوات جاءت بعد جُهد عظيم  وكفاح مرير ، وتاريخ حافل  في ميادين  ساحات الوَغي المقدسة ، ثمنهُ ارواح غالية ودماء عزيزة ، انتصرت فيها الارادة الوطنية علي قوي البغي والاستعمار ، لندخل في مرحلة جديدة من مر البلاد ،  ولم نكن قبلها نعرف من الحب الا حب واحد ، وكنا نستحي من سماع اغنيات الغزل باعتبارها من فواحش النفس واسراف في  قتل الوقت ، هكذا تربينا ونشأنا في كنف الثورة ، ولا حباً في الحياة يُعلي علي حب الاوطان والثورة .
الثورة علمتنا ان عشق النساء من عشق الوطن ،، وكنا نغني ونردد مع مبدعي الثورة اناشيد وأغنيات الثورة  ، فكان شعر الاستاذ /محمد عثمان كجراي علي سبيل المثال نموذجاً يمكن الاستدلال والتأكيد وهذه واحدة من رواعه الخالدة التي يقول فيها  :
ﻳﺎﻓﺘﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﺗﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺗﺨﻄﻮ 
ﻓﻲ ﺍﻋﺘﺰﺍﺯ ﻭﺷﻤﻮخ ﻭﻭﺳﺎﻣﻪ
ﺍﻧﻤﺎ ﺍﻧﺖ ﺍﺑﻨﺔ ﺍﻟﺼﺨﺮ ﺻﻤﻮﺩﺍ ﻭﺍﺑﺎﺀ ﻭﻛﺮﺍﻣﻪ
ﻓﻠﻌﻴﻨﻴﻚ ﺗﺤﺪﻳﻨﺎ ﺍﻻﻋﺎﺩﻱ ﻭﺻﻨﻌﻨﺎ ﻛﻞ ﺍﻫﻮﺍﻝ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﻪ
ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻛﻔﺎﺡٍٍ
ﻫﻮ ﻳﻮﻡ ﺿﺎﻉ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡِ
ﻓﺘﻌﺎﻟﻲ ﻧﻤﻸ ﺍﻻﻓﻖ ﻫﺪﻳﺮﺍً
ﻧﺘﺤﺪﺍﻩ ﺑﺎﻣﺠﺎﺩ ﺍﻟﺴﻼﺡ
ﺷﺎﺭﻛﻴﻨﻲ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺟﻬﺎﺩﺍً
ﺿﻤﺪﻱ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺟﺮﺍﺣﻲ
ﻭﺍﺫﺍ ﻣﺖ ﺷﻬﻴﺪﺍً
ﻭﺩﻋﻴﻨﻲ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﺠﺪﻱ ﺗﺬﺭﻳﻨﻲ
ﺍﻧﻬﺎ ﺍﻣﻨﻴﺘﻲ ﺍﻟﻜﺒﺮﻱ ﺩﻋﻴﻨﻲ 
ﻓﻮﻕ ﺣﻀﻦ ﺍﻻﺭﺽ ﻳﺮﺗﺎﺡ ﺟﺒﻴﻨﻲ ....الخ
الذي صدح بها المناضل المبدع / ادريس محمد علي فك الله اسره .

وبعد وضع الحرب أوزارها ، عدنا لحياة المدنية ، ورويداً رويداً اندمجنا في المجتمع  ، وعاد بي الزمن القهقري لايام الصبا وحجرات الدراسة ، ولفنون الخطابة وأصبحت أقلب دفاتر الطفولة ومايليها من عمر الصبابة ، وللاسف لم اجد كراسات مدوناتي ، ولا الكتب التي كنت اقتنيها فقد فقدت مع ظروف اللجوء ودوامة ترحال الاسرة كحال جل الارتريين  ،  عدت الي أيام التكوين الفكري الاول  ، ايام  التعابير الحنونة ، والكلمات الوردية ، والمشاعر الجياشة ، ولم أجد مايملأ فراغ ما بعد الحرب الا العودة الي حياة النعومة ، والاستهلال في بديل عاطفي ، ومن أول زيارة الي الي السودان عدت بمجموعة  كتب متنوعة بعضها هدايا واخري اشتريتها من المكتبات ، ولفقر سوق الكتب في أقاليم السودان لم اجد ما يروي شغفي ، وكلنا نعلم خلو ارتريا حينها من اي كتب ثقافية باللغة العربية .
في ذلك الوقت الذي كان يعتريني فيه فراغ نفسي ، تم نقلي الي وزارة التعليم ، وتعينت مدرساً في احدي البلدات البعيدة عن حياة صخب المدينة ، قرية هادئة متواضعة اغلب سكانها عائدون من منافي اللجوء ، كان اصطاف المعلمين  مقداره خمس معلمين حضورا وواحدة في الطريق كانت تقضي الاجازة في القضارف ، استلمت كشف المعلمين من مكتب اغردات ، ونزلت  الي ارض المدرسة ، كفاتح من ابطال الروايات الخيالية ، ومعي مدير المدرسة السابق الاستاذ / عبدالله محمد عمر للتسليم والتسلم ، وهو من المعلمين الذين عملوا في حقل التعليم في جهاز التعليم الارتري نشأ في منطقة سمسم مخيم الدنقرار ، ونقل في ذلك العام الي الاقليم الجنوبي ضواحي عد ي قيح .
....>>>> يتبع الحلقة (3) 

قناديل_خالدة (1)



في حياة كل انسان قناديل باقية لاتمحوها الذاكرة بطول السنين ، ‏وتكالب نوائب الزمان علي الشخوص ، بقدرما تزيد من عظمة وهج ‏القلوب وألق النفوس ، وانعكاس ذلك علي كافة الامور الحياتية ، لتبقي ‏بصمة خالدة في تدابير الاشياء بحلوها ومرها ، و مسحة حانية تطلي ‏النفوس ، بدهان من الالق الدائم . ‏
‏ وفي حياتي قناديل من نور ، هي سرجي الذي امتطيه ، وسراجٌ من ‏الامل اهتديه ، في مقدمتها المرأة .. تلك الانثي الموقدة دوماً ‏كالشمعة التي تذيب علي نار اوارها ، لتضئ حياة الاخرين ، والمونقة ‏في كل الفصول جمالاً وبهاءً ، "المرأة التي اذا جُمعت كل فلسفة ‏الرجال لا تعادل عاطفة واحدة من عواطفها " ، المرأة تلك الريحانة ‏التي تعطر حياتنا ، والريانة التي تملأ قلوبنا بالبهجة والمسرة ، واذا ‏جمعنا كل صفات الورد نعجز ان نعطي لها وصفاً يليق بمكانتها ‏العظيمة .. وتبقي المرأة اِمرأة في كل الازمان والاوقات ، لاتتبدل ‏ولاتتغيّر مهما تغير خواص الاشياء من حولنا .نتغير نحن وتبقي ‏الانثي أصيلة ونقية . ‏
انني اكن للمرأة كل الاحترام واجلها بكل اكباروتقدير ، لدورها ‏الانساني الذي لايقيَّم بثمن ، هي رحم التكوين ، ودفئ الامومة ، ‏واكسير الحياة ، وريحانة الجنة ... الرحمة التي تمشي علي ‏الارض والسكينة التي تملأ الدنيا أمناً وسلاماً .‏
أمي اول القناديل الخالدة .. وأسال الله ان يمد في عمرها ويؤخر يوم ‏شكرها ، فهي مصدر تكويني والهامي ، اعجز عن اختصار مايجيش ‏في داخلي في مفرداتٍ ، ويبقي حبي لها يفوق كل التفاصيل وارق ‏الخواطر ، وسوف تبقي نور حياتي في دنياي وبعد الممات ، حفظها ‏الله فلا يمكنني تجاوزها مادام قد ذكرت تلك القناديل التي تضئ حياتي ‏‏. ‏
‏ تليها المقاتلة الارترية التي تعلمت منها اسمي معاني التضحية ، ‏ونكران الذات ، تلك الفارسة التي ضربت اروع المثل في التفاني ‏والاخلاص ، وخاضت تجربة الكفاح بعزيمة واقتدار ، ولها مني دين مستحق في تدوين تاريخ ‏كل ثائرة ، حتي اذا استوجب بمداد من دمي .‏
‏ يتبع (2) .‏‎<<<<‎

الاثنين، 30 ديسمبر 2019

أيها الاِرتريون .. قِفُوا نَبْك علي اللَّبن المَسكُوب !







‏(1) كثيراً ما تمر علينا مقالات واحاديث النهي عن البكاء في الامور ‏التي مضت وانتهت ، وعدم الاكتراث والتوقف عندها ، حتي لاتسرق ‏منا الحاضر والمستقبل ، ومن يفعل ذلك نصفه كمن يبكي علي " ‏الللبن المسكوب " وهو توصيف رائع اذا كان الامر كذلك .. ولكن اذا ‏كان الامر يتجاوز حدود المعقول ، ويملأ اللبن المسكوب مجاري ‏الاودية والفيافي ، ويغطي السهول وسفوح الجبال ، لاشك ان الامر ‏جلي ويستحق التوقف والبكاء عليه حسرة وتندماً . ‏
‏(2) بعض شعوب العالم تقيم مهرجاناتها باعدام الاطنان من الطماطم ، ‏حتي لو دولتها لاتنتج محصول تلك النعمة المهدرة تستورده من ‏الخارج للاقامة المناسبة الاحتفالية ، وهي عادة وثقافة شاذة تخالف ‏الطبع الانساني .. والمشهد وان كان يسوقنا للحزن اكثر من الفرح اذا ‏ما قورن الحدث بحوجة الانسانية للثروة المهدرة في امور فارغة .. الا ‏انه لايقل اهمية من ثرواتنا كارتريين التي تهدر بلا وعي او بوعي .‏
‏(3) لاننا نحن الارتريون اصحاب قضية ، بمعني اننا مدانون للوطن ‏بالغالي والنفيس ، نسترخص الارواح والمهج للاجل استقلاله وبقائه ‏حرا وسيداً علي نفسه علي الاقل اسوةً ببقية شعوب العالم ، ولذلك لم ‏يتوان الاجداد والاباء في الجهاد والنضال المستميت للاجل استرداده ، ‏لذا تسمي "ارتريا هدية الشهداء " وهي أمانة في اعناقنا ، واذا كان ‏الاباء حرر البلاد من المستعمر البغيض ، فقضية استرداد الحقوق من ‏النظام الحاكم المستبد هي مسؤولية الجيل الحالي ، فالاحق ان تموت ‏النفوس في ارضها وهي تطالب و تقاتل الاخطبوط البشري الجاثم علي ‏صدر البلاد ، بدلا من الموت في الصحاري والغرق في البحور ، ‏الاحق بنا ان تموت بكل شرف ونسجل اسمائنا في سجل الخالدين ‏الابرار بدلا من ان نكون اسماء في طي النسيان .. كما القائل : ‏‏"اذاكان من الموت بد فمن العار ان تموت جباناً" ، الموت في تاريخ ‏الشعب الارتري فراسة وامنية ، مادام للاجل امر مقدس كالموت في ‏سبيل الوطن واسترداد الحقوق .‏
‏(4) فيا اخوتي ماذا تنتظرون من كوارث الحياة أكثر من حالنا ؟؟! ‏الموت المجاني في عرض البحر ، الموت المجاني في قفر الصحاري ‏، البيع المجاني لتجار البشر ، العرض المنتهك في كل بقعة وشبر ‏العالم ، أي كارثة تنتظرون ؟؟ اسوأ من حالنا البائس شباب لايفكر الا ‏بالفِرار بجلده ، وينسي ابيه المعتقل وامه المغتصبة واخته المستباحة ‏‏!! من ننتظر ان يأخذ بثارنا ؟ من ننتظر يقتلع قاتلينا وجلادينا ؟؟ من ‏ننتظر ان يزيل نظام يهجر ويبيع ويشتري فينا وفي اراضينا ؟؟ ‏
‏(5) الوضع كارثي حينما نخرج من الوطن بثقوب لاتُري بالعين ‏المجردة ، وبكفالة تقدر بآلاف الدولارات ، وعندما نصل الي بر ‏الامان بارواحنا ننسي قضيتنا وقضية شعبنا ، ننسي حتي من دفع لنا ‏فدي العبور الي الدول التي جعلناها غاية لنا ، ولانكتفي .. بل نصرف ‏الاموال ونهدرها في اقامة مهرجانات الشقاق والسباب ، ومناسبات ‏الافراح والاعراس ، غير مكترثين بالجوعي والمحتاجين في داخل ‏الوطن وفي مخيمات اللجوء ، حتي اضحت سيرتنا حديث القاصي ‏والداني .‏
(6) فاذا كانت بعض الشعوب تتلاعب بالنعم فهي تملك قرارها وتتحكم في حكم اوطانها ، فنحن نتفاخر ‏ونتباهي في غير بلداننا ، ونصرف الغالي والنفيس في امور ليس من أولوياتنا ، وشعبنا يئن من ‏الجوع والعذاب ، افيقوا ايها الناس يرحمكم الله ، وضعوا التباهي جانباَ ، وتحرروا من شرور النفوس ‏وحكم الشيطان ، وتمسكوا بحبل الوفاق ، واستعينوا بسبل تعجل برحيل النظام ، لا احد سوف يزيله ‏عن صدر الوطن الا نحن ،، ولايمكن ان تقيف قوة في الارض امامنا اذا ما توحدنا في الهدف قولا ‏وعملاً .‏


(7) فصدقاتنا وذكاواتنا وتبرعاتنا ومنصرفات احتفالاتنا ومناسبات افراحنا يجب ان تسخر لجبهة ازالة ‏النظام ، واقامة دولة المواطنة والقانون ، نتجنب الفرقة والشتات وتجمعات المؤتمرات الجهوية ، ‏ونصرف المال في التعليم واعانة المحتاجين .. وتنمية مراكز الوعي الوطني ،، فالحلول في ايدينا .. ‏فلولم يحدث ذلك ليس بمقدور أحد فينا سوي الوقوف والبكاء علي اللبن المسكوب ، حتي يكتب الله ‏أمراً كان مقضياً .‏