السبت، 14 نوفمبر 2015

عن ازمة الهوية في السودان

اعداد : على موسى

عن ازمة الهوية في السودان (الحلقة الاولى )
مقدمة:
أزمة الهوية  هي احدي المشاكل التي عانت وما زالت تعاني  منها الدولة السودانية , وقد ظل المثقفين من أبناء الثقافة العربية يقدمون رؤيتهم الخاصة بهم ويفرضونها علي الشعب السوداني بتعدده وتنوعه (( التاريخي والمعاصر )) علي أنة شعب (( عربي كريم )) وإذا طرحنا سؤال : هل الشعب السوداني هو شعب عربي كريم أم هو شعب سوداني كريم؟  ياتري ماذا تكون الإجابة . وبكل بساطة سوف تكون الإجابة علي السؤال حسب انتماء الفرد العرقي او الثقافي او الفكري (الايديولوجي) …الخ . فهناك جزء كبير من العرب في السودان ينظرون الي هوية السودان باعتبارها: (( هوية عربية )) وبنفس القدر هناك جزء من غير العرب في السودان ينظرون الي هوية السودان باعتبارها :((هوية افريقانية)) ومنذ محاولات ( سليمان كشة وعلي عبد اللطيف ) ظهرت قضية الهوية في السودان كقضية فكرية سياسية وقد أخذت بعد ذلك اتجاها أدبيا يظهر في محاولات (حمزة الملك طمبل) التي سعي من خلالها لتأسيس خطاب سوداني ((مواز /او مقابل)) للخطاب العروبي السائد المتمثل في مذهب : (ألبنا والعباسي وغيرهما …) واستمرت المسالة حتى الستينيات وخلال الستينيات ظهر جيل أكثر حداثة . حيث ذهب المثقفين من هذا الجيل الي افتراض خيارات لهوية السودان , فمنهم من قال: (بعروبة الشعب السوداني) ومنهم من قال : (بافريقانية الشعب السوداني)  ومنهم من ذهب إلي التوفيق بين الاثنين (العروبة والافريقانية) ليصل الي ما عرف بمدرسة (( الغابة والصحراء )) او ((الافرو عروبية)) وسوف نقدم نمازج من هذه المدارس بغرض توضيح التطور الفكري التاريخي لقضية الهوية
في السودان بشكل مختصر . وسوف نناقش موضوع الهوية في السودان بالقدر الذي يمكننا من نقل رؤيتنا لهذه الأزمة وكيفية إيجاد الحلول اللازمة.
المدرسة العروبية :
قامت هذه المدرسة في أدبياتها علي ما كتبه عبد الرحمن الضرير في كتابة العربية في السودان بدافع اثبات عروبة السودان دون الالتفات الي العناصر غير العربية الموجوده في السودان , وتبعه في ذلك محمد عبد الرحيم في كتابه نفثات اليراع في الادب والتاريخ والاجتماع , حيث دافع عن عروبة السودان وعن اسلاميتة.هذا الي جانب التوجه الاسلاموعروبي الذي فرضته الحكومات المختلفة التي تعاقبت علي الحكم في الدولة السودانية منذ خروج المستعمر 1956م الي 1989م مما أدي الي تمكين الكيان الاسلاموعربي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وهيمنته علي جهاز الدولة وتهميش الاخر الثقافي والديني .
ورأينا في هذه المدرسة انها تناولت موضوع الهوية في الدولة السودانية بمنظور ثنائي (عرب/زنوج او أفارقة كما هو متداول في اروقة الفكر السوداني) ونشير في هذا الجانب الي أن استخدام كلمة (أفارقة) للدلالة علي الزنوج او السود في السودان هو خطأ منهجي لانه يؤدي الي خلط مفاهيمي بين ما هو ((جغرافي)) كالانتماء للقارة الافريقة جغرافيا وما هو ((عرقي او ثقافي او اثني)) مثل الانتماء للعروبة او الزنوجة. وبما ان هذا المصطلح (الافارقة) اصبحت دلالته في الواقع السوداني تشير الي الزنوج او السود , فاننا نستخدمة بهذا الفهم بعيدا عن خلطة بالجانب الجغرافي الذي يظهر احيانا بهدف المراوغة. بمعني اننا عندما نزكر لاحقا كلمة (أفارقة) نقصد بها (الانتماء العرقي / الثقافي / والاثني) وبصورة واضحة نقصد بها الزنوج او السود او غير العرب في الدولة السودانية . وهذا التقسيم الثنائي (عرب / أفارقة) الذي استخدمتة المدرسة العروبية بغرض تحليل الصراع وأزمة الهوية في السودان أدي الي عدم اعتراف هذه المدرسة بالمكون الافريقي للزات السودانية مما جعل هذه المدرسة لا تحس ولا تقر ولا تعترف بوجود سودان خارج خيمة الثقافة الاسلاموعربية الامر الذي جعلها لا تقر بسودانية من هو ليس بعربي . والنتاج الطبيعي لهذ المدرسة أنها انهزمت أمام الواقع السوداني المتعدد عرقيا وثقافيا واثنيا وفشلت في ايجاد حل لمشكلة الهوية في السودان.
المدرسة الافريقية او الافريقانية : 
هذه المدرسة نشأت لحفظ الصراع من حيث ثنائيتة (عرب / أفارقة) فالحديث عن الافريقانية في السودان يقوم علي استيعاب الكيانات الافريقية , لكن لا توجد كتابات عن سودان أفريقي الثقافة , لذلك كان وجود هذه المدرسة نظري افتراضي لم يشهد له الفاعلية في تشكيل المواقف وبنائها في السودان بل كان الاتجاة الاكثر فاعلية هو الاصوات التي ارتفعت مطالبة بحقوق الكيانات الافريقية في السودان ورد الاعتبار للمكون الافريقي .ورغم فشل هذه المدرسة في تشكيل موقف قوي ينادي بسودان أفريقي الهوية بعيدا عن الاطار الجغرافي الا أننا نوضح رأينا فيها بغرض توضيح سلبياتها .(نواصل )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق