الأحد، 10 مارس 2019

يوميات من سِفْر المرأة الارترية ‏: #قُمْجَا الحلقة الثانية





‏(5)   بعد اسبوعين من العلاج وفترة نقاهة في العيادة الميدانية للكتيبة ،   وافقت العيادة في رفقة مجموعة الخبز الي حيث ترابط سريتي في  مواقع الحُصون الامامية  ، وبعد يومين من وصولي  جاءنا أمر تحرك الي ‏منطقة (كُوبي )  الجبهة الشرقية من جبل (بيزن )  ، بدأنا التحرك ليلاً  بكامل العدة والعتاد ، ولان جسمي لا يزال في حالة اعياء كنت احس بدوار  ، الا انني تمسكت بالبقاء في وحدتي ، وبدأنا نتسلق الجبل الصلد ، الذي يعتبر محمية طبيعية ، تكثر فيها انواع النباتات المخضرة طوال السنة ، ويُعد  كذلك من أفضل مراتع الرعي .

(6) هناك تفاصيل كثيرة في الرحلة التي استغرقت ليل كامل ، أمور تتعلق بصحتي ، ومحاولات قائد المجموعة في مساعدتي واعفائي من الحمل ، وتجريدي من السلاح ، ليمكنني من قدرة  مواصلة الرحلة ، وفي منتصف المسافة نفدت قوتي تماماً ، مما استدعي الامر اعادتي الي العيادة مرة اخري ، واختير شاب ربما الاصغر في السرية اسمه محمد سليمان من منطقة قبي البو بحلحل وجدنا انفسنا معا صدفة ولم نتعرف علي بعضنا البعض الا بعد شهور  ، لا اعرف ان كان حياً أم رحل  ضمن قوافل الشهداء ، فارتميت علي الارض غير مبالي بطبيعة المكان ، ونمت نوما عميقا  وبعد فترة صحوت مفزوعاً ووجدت رفيقي يراقب احوالي ، ورايت  الفجر يقترب فقد بدأ احمرار شفق الشرق ،
(7) وكسرت أوامر رفيقي ، وطلبت منه مواصلة الرحلة حيث ترابط سريتنا ففعل ، طريق صعود الجبل صراط واحد لايصلح الا  للراجلين او سير الدواب ، مثل البغال والحمير ، في بعض المناطق خطر جدا لان الطريق منحوت نحتاً للامداد الحصون فيه ، ولذا الحركة فيه لاتتوقف ليل نهار ، فكثافة الاشجار ساعدت المقاتل  الاحتماء بها من رصد العدو المنطقة جوا وبراً ، ووصلنا الي مواقعنا الجديدة بالسلامة ، بفضل الاجواء الصافية في ذلك اليوم  .

(8) بعد مضي يوم او يومان نفثت سماء بيزن ، براكينها وحممها  واسقطتها علينا حتي كاد الليل  يتحول الي نهار من شدة اشتعال الاخضر واليابس ، فتواصلت المعركة الهجومية علينا ، ثلاثة ايام دون توقف ، ففي اليوم الثالث قابلت قمجا  في دفن  احد قيادات المجاميع اسمه محمد نور ، وقد كانت الاصبات كثيرة جدا في صفوفنا، ولكن الشهداء قليلون جداً أغلبهم قيادات مجاميع ، مقارنة بجثث القتلي في صفوف الاعداء المتناثرة أمام الخنادق والحصون ، وانتهت المعركة الفعلية واستقرت الاوضاع ، وبقي القصف المدفعي متواصلاَ  بكل انواعه ، وفي اليوم قبل الاخير ومن جراء قذيفة دبابة التي اصابت الخندق وقلبت عاليه الي اسفله ، ورغم ذلك خرجنا  سالمين انا ورفيقي حدرباي ، الا ان في الخارج ادركتنا قذيفة مورتار نحن والذين قدموا لنا مساعدة الخروج من بين حطام الخندق سقطنا جميعا صرعي نقلنا علي اثرها الي العيادة الميدانية ، التي تقع اسفل الجبل .
(9) اخذت فترة العلاج شهرين كاملين في منطقة مُقَعْ  بالساحل ، وعند العودة وجدت الحصون آمنة ، من الهجمات ولكن لم تهدأ التراشقات المدفعية ، وفي ليلة من ليالي الفاتح من سبتمبر فوجئنا بهجوم مباغت ، واعتقد كان مناورة لهجوم كاسح في الجهة الشمالية للامتداد جبهة قندع  ، والتي تبدأ شمال الطريق الذي يربط المدينة  بمصوع واسمرا ، وقد انتصرنا علي الهجوم  وكبدنا العدو خسارة عظيمة في الارواح  ، ولم تقع خسائر في صفوفنا الا اصابات طفيفة من بينهم قُمجا ورزني واخرين  التي اخترق طلق ناري يدها اليمني ، ونقلت الي مستشفي  الفرقة العسكرية في مقع بمنطقة قام جيوا .
نواصل 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق