فى ظل تعاظم الحراك الوطنى الارترى
المقاوم للنظام الحاكم فى ارتريا ، تواجهنا مسألة الرمزية الوطنية الموحدة
التى يعبر بها ، الفرد و الجماعة ، واقصد العلم الارتري ، وهنا سوف لا اخوض
فى تفاصيل شرعية العلم الارترى لان الوقت لم يحن بعد ، لتناول اى العلمين
يحق له الشرعية ـ علم الفدرالية ام ـ علم النظام الحاكم ..؟
ولان الموضوع كبير
وشائك سوف أجتهد فى تناول الخلفية التاريخية للعلمين وكذلك توضيح ماينبغى
فعله والاخذ به حاليا ، علم الفدرالية ذو اللون الازرق ، وفى وسطه غصن اخضر
، وتم اقراره من قبل الامم المتحدة عام 1952 كعلم خاص للارتريا ، تحت الحكم
الفدرالى (الذاتى) مع اثيوبيا ، ولان
اثيوبيا خانت الوعد والمعاهدة ، والغت الحكم الفدرالى كلياً من جانب
واحد ، فى المقابل تمسك به الشعب الارتري كعلم شرعى وقانونى ،
لحين استقلال ارتريا من الاستعمار الاثيوبى ، وقد اكتسب حقيقة الشرعية ونال رمز
الوطنية حينما اعتمد علما وطنيا من قبل المناضلين الاوفياء بقيادة الرمز
"عواتى" ورفاقه الميامين .
واستمر الحال الى ان
تكونت الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا ، وغيرت شارة علمها الى مثلث أحمر
متساوي الساقين قاعدته في جهة السارية وفي وسطه نجمة ذهبية ويفصل المثلث الأحمر
بين مثلثين قائمي الزاوية حيث المثلث الأعلى لونه أخضر والأسفل لونه أزرق ، وبعد
الاستقلال مباشرة تم اعتماده من قبل النظام علماَ وطنيا ، مع تغييرات طفيفة بتغيير
النجمة الذهبية بغصن زيتون ذهبى ، ومن ذلك الوقت يعتبر علم ارتريا لدى الامم
المتحدة ، و رمزها فى كل المحافل الدبلوماسية والدولية.
ومن هنا لنا
"علمين" ... ان رضينا ام ابينا ، لماذا ...؟ لان الاول يمثل رمز الشعب
الارترى الذى اقر بموافقة الامم المتحدة فى البرلمان الفدرالى الارتري
وباسقاطه تمسك به مناضلينا والرعيل الاول (رمزاً) للحرية
والاستقلال ، ولم يكن ابداً موضع خلاف اوجدل ، حتى مجئ الجبهة الشعبية ،
التى اختارت لنفسها علما من صنع خيالها ، ولم يشارك فيه برلمان كما حصل فى فترة
الفدرالية ، وكذلك لم يستشر فيه الشعب الارترى بعد الاستقلال للتعديل فيه او
تغييره فهو مفروض عليه ، كما فرض النظام نفسه على حكم البلاد والعباد .
اذن ما العمل ؟
فى ظل وجود العلمين ايهما نختار وايهما يمثلنا ، من وجهة نظرى
(الاثنين معاً) لسببين مقنعين .. ولتفادى الجدل الذى لايخدم القضية
:
الاول ان علم الفدرالية
يمثل خصوصية الشعب الارتري ، ورمز النضال والانعتاق من المستعمر الاثيوبى ،
بالاضافة كون ان شعبنا لم يتحرر من الانظمة القمعية ، اذا استثنينا تحرير الارض
،فان شعبنا مازال يرزح تحت حكم الفرد المتسلط ، ومن الواجب ان نرفع هذا العلم
حفاظا على الشرعية الدولية ، وكذلك ايمانا بمبادئ النضال الثورى الذى اختارناه
طواعية دون املاءات خارجية ، وسكبنا فى سبيل ذلك دماء غالية
وقدمنا ارواحا طاهرة.
العلم
الثانى يمثل الواقع الأليم الذى لايمكن الفكاك منه ، هو علم ارتريا المعترف به
دوليا فى الوقت الحالى ،ويعتبر علم الدولة الرسمى ، وبالرغم انه لايمثل رغبة
و هوية الشعب الارتري الا انه يعتبر الشارة الدولية التى لايمكن
نكرانها باي سبب من الاسباب ، حتى زوال النظام فى ارتريا ، والمشكلة التى يعانى
منها الشارع الارترى ، هو جهل الجيل الحالى الذى ولد وترعرع فى ظل النظام المستبد
، بتاريخ العلم الاول ، والبعض للاسف متمسك بمفاهيم ظل النظام يروج
لها بان العلم الاول هو مفروض على الشعب الارتري من قوى خارجية ولم يكن
خيارا وطنيا ، والعلم الثانى هو من صُنع الثورة الارترية ومقتبس من علم
الجبهة الشعبية التى حررت الوطن ، حتى اضحى للبعض شيئا مقدساً ،
انطلاقا من اهواء دينية وطائفية . وعلى العموم يجب ان نبتعد من المواضع
الخلافية ، وان ننأى بأنفسنا من مزالق السفطائية ، وحديث الافك ، الذى يروج له
النظام لطمس الحقائق ، وكذلك حتى اسقاطه وقيام الدولة المدنية الديمقراطية
التى ترتكز على الدستور والشرعية الشعبية على انقاضه ، علينا التركيز فى الامور
التى توحد كلمتنا ، وتقوى جهودنا ، وان نعمل فى اطار وطنى جامع ، وغض النظر عن
الامور الانصرافية ، والتبليغ بالحكمة والموعظة الحسنة ، لان اللطف فى
التبليغ نتائجه غير مرئية ، ولكنها ابداً لاتضيع ، فصاحب الرسالة يجب قبل كل
شئ ان يتسلح بالمعلومة والايمان بها ، والعمل للاجل بقائها ونجاحها ، وعلى كل
ارترى غيور يجب ان يعمل فى كسب اخيه الارترى الى جانبه دون النظر الى عرقه
او دينه او غير ذلك من الامور التى يدق اسفينها النظام الاستبدادى لتشتيت جهودنا
، ويجب ان نعى ان رفع العلمين فى مناسباتنا المختلفة ، لايغير من جوهر
قناعتنا فى احداث التغيير .
جميل
ردحذف