الاثنين، 7 مايو 2018

ذكريات معهد تدريب المعلمين (T.T.I) الحلقة الخامسة : شهر رمضان في T.T.I



(1) معظم القادمين من خارج البلاد يحملون فهم متقارب حول التدين وحرية العبادة في ارتريا ، وخاصة المسلمين ، وقد تفاجأ الزملاء حينما وجدوا اسمرا تعلوها مآذن المساجد ، واطمئنت القلوب اكثر عند اكتظاظها بالمصلين ، فقد عبر لي الكثيرون عن ارتياحههم بعد الصدمة الاولي من خلوا المعهد من مسجد للاداء الصلوات ، والبعض همس في اذني حينها ما اذا كانت الصلوات مسموح بها في داخل المعهد ! ؟
(2) ولهذا قد أقمنا مسجداَ في المعهد للاداء الصلوات الخمسة ، واخترنا ملعب الكرة الطائرة الدائم الاخضرار ، وبدأنا الصلاة الجماعية فيه بمجموعة بسيطة افرادها شخصي الضعيف ، جعفر، وعبدالرحيم عمر ، وعبدالعزيز ، ورمضان ، ومحمد عثمان ، وليد حسن ،وغيرهم ، وثم تعدي الرقم الي عشرات الاضعاف ، واضعاف الاضعاف في الشهر الفضيل ، ورتبنا شيخاً وهو الزميل رمضان الذي اتي من دولة جيبوتي ، اصوله من منطقة صنعفي ، كان قارئا جيداَ ، ومجودا للقران الكريم ، وقد كانت لنا حلقات ذكر يومين لمن اراد في كل اسبوع ، أما المؤذن كان الزميل وليد حسن ، ارتري من مواليد القضارف من ام سودانية ، ويتميز بصوت جهوري لرفع الاذان ، وكثيرا ما اشتكي غير المسلمين علي رفع الاذان في صلاة الفجر بحجة ازعاجهم اثناء الراحة ويتنافي مع الحرية الدينية ، ولكن رفض من قبل ادارة المعهد ، مع انذار غير محمود العواقب .
(3) مع اقتراب موعد شهر رمضان ، طلبت منا ادارة المعهد كشف باسماء الصائمين ، وقد مررنا في كل غرف السكن وحصرنا كل من يريد الصيام وما لاحظته ان كثير من الشباب اخذتهم الغيرة وسجلوا حتي ان بعضهم كنا نعتبرهم غير مسلمين ، وهذا دعم موقفنا بتخصيص موعد لتناول الافطار الجماعي في صالة الطعام او في ملعب الكرة اذا لم يكن فيه نشاط رياضي ، وخصص لنا عاملين بشكل رسمي ووجبات تناسب الصائم ، واحضر لنا العجوة والعصائر ، وايضا الكسرة ، وبمساعدة الاخوات الزميلات ، كنا نعد العصيدة أحياناً، بالزبادي لعدم وجود (الويكة) ،واظن تحصلنا عليها في الفترة الاخيرة لا استحضرها مرة او اكثر واكلنا ملاح النعيمية .
(4) في حالة نزول الامطار أو انشغال الملعب كنا نفطر في القاعة ، ونؤدي التراويح فيها ، ومن جمائل الادارة انها سمحت لنا حرية الحركة خارج المعهد ، وهذا اعطي انطباع رائع للمتدربين عن احترام الاديان في ارتريا ، وبنهاية اليوم الدراسي كنا ندخل المدينة ، ونزور ذوينا واصدقائنا ، ونستمتع بأداء صلاة العشاء والتراويح في مساجد اسمرا وخاصة جامع الخلفاء الراشدين ، كانت زميلاتنا ملازمة لنا في كل شهر رمضان في الاعداد والصلوات ، واستحضر منهن للمثال لا الحصر ، صفية بشير ، وصفية عبدالرحمن ، واخلاص يوسف ، وفاطمة محمد عمر ، سعاد أركا ، خديجة ، اسيا ، حنان عثمان ، وغيرهن .
(5) من طرائف شهر رمضان المعظم الاخ المؤذن قبل ان يري الساعة في يوم العطلة الاسبوعية ، رفع الاذان الاول وكنا نسميه تجاوزاً (اذان السحور ) وفي اثناء تناول السحور وغالبا يحتوي علي الرز وبعض العصائر ، او اللبن ، دون حسبان انقشع السحاب وخرجت الشمس علينا في عز الضحي .. حتي البعض منا تقيئ من شدة المفاجئة . وفي ذلك اليوم الكل كان عليه واجب القضاء الا مجموعة (حكيم وصغيرون ) التي تتناول السحور من مراقدها ، وقلّما تحضر السحور الجماعي ، وهي مجموعة متميزة في الفن والادب ، والقراءة والاطلاع ، وغرفتهما صامتة او مولعة بالنقاش .
(6) وصلينا العيد في مسجد الخلفاء الراشدين ، وبعد الصلاة توزعنا في بيوت الاصدقاء والزملاء ، والاهالي ، وقلة هي التي لم تجد ، فرصة قضاء العيد مع الاسر ، وهذا لم يكن الا بمحض ارادتهم ، لان البعض سافر الي المدن الاخري ، القريبة مثل كرن ومندفرا ، ومصوع ، وعدي قيح ، وهذا غيض من فيض من ذكريات الشهر المبارك ، واذا كان هنالك ما تبقي من الذكريات رجاء من الاخوة والاخوات الزملاء المشاركة ،وحتي لقائنا في حلقة قادمة الي اللقاء .

الأحد، 6 مايو 2018

عشرون عاماً على غياب حالم عظيم


مرت يوم الاثنين الماضي، الثلاثين من أبريل، الذكرى العشرون لرحيل الشاعر الكبير نزار قباني الذي ملأ سماء الأمة شعراً ونثراً، مبشراً بالحرية والحب والسعادة الإنسانية، ومعلياً من كرامة الوطن والمواطن، وداعياً بأن يصبح الإنسان العربي سيداً لمصيره، ورافضاً للتمسك بأهداب الجهل والخرافات والأساطير، ومشجعاً على الإبحار بحيوية نحو كل ميادين المعرفة والعلم التي تخرج الأمة من الركود الفكري لتمد بصرها نحو قيم الحرية والعقلانية والحداثة، ونافراً من كل أشكال الاستبداد الوطني أو الأجنبي، المدني أو الديني، التي تشد الأوطان إلى الخلف، وتحول بينها وبين استشراف المستقبل وامتلاك أدواته.
وفي رده على سؤال صحافي لمن يكتب قال نزار قباني: أكتب للشعوب التي لا يسمحون لها بكتابة رسالة احتجاج أو رسالة حب، ولا يسمحون لها بالضحك وبالبكاء، ولا بالحياة ولا الموت، ولا بإقامة الأعراس، ولا بالسير في الجنازات.
هذا هو الجمهور الذي أصرخ بلسانه، وأبكي بدموعه، وأشاركه فتافيت الخبز والحب والحرية.
وفي أعقاب هزيمة يونيو 1967 كتب نزار قباني قصيدته الشهيرة «هوامش على دفتر النكسة» التي أهاجت مشاعر الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، وعبرت عن غضبها وجرحها، حين قال فيها: «إذا خسرنا الحرب لا غرابة، لأننا ندخلها، بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة، بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة، لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة».
وكانت تلك القصيدة سبباً في غضب الأجهزة الناصرية، فصدرت الأوامر بمنع دواوين شعره من التداول، ووقف إذاعة قصائده المغناة، ومنعه هو شخصياً من دخول مصر، لكن ذلك لم يمنع القصيدة من التداول والانتشار من مكان لآخر في مدن الجمهورية.
وتدخل عدد من النقاد والكتاب بينهم رجاء النقاش، لدى وزير الإعلام آنذاك محمد فائق وطالبوه بالعمل على إلغاء هذا المنع، ووقف الحملات العدائية ضد الشاعر في وسائل الصحافة والإعلام، كما نصحوا نزار قباني في الوقت نفسه بكتابة خطاب لعبد الناصر، فاستجاب للنصيحة برسالة رائعة قال فيها إنه أودع في هذه القصيدة خلاصة ألمه وتمزقه، وكشف فيها مناطق الوجع في جسد الأمة العربية، مضيفاً: «إن ما انتهينا إليه لا يعالج بالتواري والهروب، وإنما بالمواجهة الكاملة لعيوبنا وسيئاتنا.
إن قصيدتي كانت محاولة لبناء فكر عربي جديد، يختلف بملامحه وتكوينه عن ملامح فكر ما قبل 5 يونيو. وماذا تكون قيمة الأدب يوم يجبن عن مواجهة الحياة بوجهيها الأبيض والأسود معاً؟ ومن يكون الشاعر يوم يتحول إلى مهرج، يمسح أذيال المجتمع وينافق له؟.
والقضية ليست مصادرة قصيدة أو مصادرة شاعر، القضية هي أن نحدد موقفنا من الفكر العربي كيف نريده؟ حراً أم نصف حر؟ لا أريد أن أصدق أن مثلك يعاقب النازف على نزفه والمجروح على جرحه».
لم تكن بلاغة رسالة نزار وكبريائها الفذ وقوة منطقها ونجاحها في ترجمة القصيدة نثراً، هي ما دفعت الرئيس عبد الناصر لإلغاء تلك المصادرات، بل كان بجانبها أيضاً تدخل سيدة الغناء العربي أم كلثوم لدى الرئيس، نظراً لما كان يحمله لها من محبة واحترام وإعجاب، وقد شدت بعد ذلك بواحدة من أجمل قصائده «أصبح الآن عندي بندقية».
عاش نزار قباني سنواته الأخيرة في بريطانيا مغترباً عن وطنه سوريا، وحين توفي سعي أهله وأحباؤه لإقامة صلاة الجنازة عليه في مسجد المركز الثقافي الإسلامي في لندن، لكن جمعاً من حركات دينية متشددة تنصب نفسها متحدثاً باسم الله، ممن دعا نزار دوماً للتصدي لهم، بنبذ طاعتهم وتقليص نفوذهم وسلطتهم، اعترض طريق الجنازة، وأعلن قادة الجمع أن صلاة الجنازة لا تجوز إلا على المسلم، وقد سخر هو شعره للدفاع عن القومية العربية وعن الحب والعاشقين، وليس للدفاع عن فهمهم السطحي للإسلام، كما أن اعتراضه على هرولة العرب للتطبيع مع إسرائيل، ونقده لخضوعهم للهيمنة الأميركية، لا تنفي عنه ذلك، ولا تبرر الصلاة عليه!
تناسل من هذا الجمع الفظ فيما تلى ذلك من سنوات في إنحاء بلاد العرب، جماعات الإرهاب الجهادي التي ناصبت الفنون بكل أشكالها وأنواعها العداء، واستلبت إرادة الحياة من الناس بالقتل والذبح تدمير التراث الحضاري الإنساني، لكن وعي الشعوب، الذي ساهم في تشكيله شعر نزار قباني، قادر على اقتلاع هؤلاء من أوطانهم، وغلق محاكم التفتيش المنصوبة لكل مجتهد في شؤون الدين أو الوطن، وإبقاء حلم نزار قباني بوطن حر لا يصادر فيه الشعر والشعراء أحياء وأمواتاً، ويشدو بالغناء والقصائد، ويرسم اللوحات وينحت التماثيل، وتضاء فيه قاعات المسارح وشاشات العرض بالفنون الراقية حياً بمدى عمر تلك الشعوب.

تعرف على قصة لاجئين تصدروا قائمة أثرياء بريطانيا





في لائحة تضم 1000 مليونير وملياردير ببريطانيا، تصدرها صحيفة The Sunday Times الأحد المقبل، معلومات عن 15 وصلوا إلى لندن فقراء ولاجئين من دول عانوا من أنظمتها الكثير، فاشتغلوا وجاهدوا وجمعوا ثروات لافتة للنظر، أهمهم 3 من أوغندا وواحد من كل من كينيا وسريلانكا وبنغلادش وقبرص. أما عرب اللائحة التي تصدرها "صنداي تايمز" كل عام، فهم مصري حكايته صادمة وغريبة، إضافة إلى اثنين من العراق.
أشهر العرب، هو الملياردير العراقي نظمي أوجي، المولود في بغداد قبل 80 سنة، والمتخرج في الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة المستنصرية، والذي حل بسبب مواقفه السياسية "ضيفاً" على سجون رئيسين عراقيين: عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، إضافة إلى ما عاناه من النظام آنذاك. ووفقا لصحيفة "سانداي تايمز" فإن الملياردير هو مؤسس مجموعة General Mediterranean  المعروفة بأنها "هولدينغ" يعمل فيها 11 ألف موظف في معظم العالم.
مليونير وشهير ولا صورة له على الإطلاق
أوجي، أب لأربعة أبناء، هاجر في 1981 إلى بريطانيا، التي وصل إليها هارباً من النظام القمعى آنذاك في العراق، وهو ينشط في الحقل المصرفي والمالي، كما بالعقارات والمشاريع السياحية، والفندقية بشكل خاص، وثروته طبقاً للائحة 2018 هي مليار و175 مليون إسترليني، أو مليار و600 مليون دولار.
العراقي الثاني في اللائحة، هو  باكير كولا، المولود في كردستان العراق قبل 75 سنة، والذي غادر البلاد فراراً من النظام، فوصل إلى لندن وليس بجعبته ما يسد به الرمق، لكنه جاهد فيها حتى أصبح رجل أعمال ناجح، وثروته بلائحة هذا العام هي 275 مليون إسترليني، تعادل أكثر من 371 مليونا من الدولارات. والغريب في كولا أن لا صورة له في الإنترنت، مع أنه شهير ويقيم في لندن القرن الواحد والعشرين، وناشط بشكل خاص في حقل الفنادق.
المصري الهارب بدولارات مزيفة من نظام عبد الناصر

أما المصري الذي وصل إلى العاصمة البريطانية عام 1968، فهو عاصم علام، البالغ من العمر 78 سنة، وصل لندن ومعه حقائب مكتظة بأكثر من 600 ألف دولار، وعندما مضى بعد أيام ليودعها في حساب فتحه في مصرف Midland Bank  سمع من مدير الفرع ما كاد يقضي عليه حنقا وغيظا، فقد أخبره أن كل تلك الدولارات التي أحضرها مزيفة لا تساوي فلسا واحدا.
ووجد علام نفسه في لندن بعد ذلك الخبر، مفلسا لا يملك وقتها سوى 20 جنيها إسترلينيا في جيبه، ومسؤولا عن إعالة زوجته وابنتيه، فاضطر للعمل بأشغال ليست من مستواه الوظيفي وكيفما كان. أما الآن، فثروة الرجل الذي يملك نادي "هال سيتي" لكرة القدم، إضافة إلى شركة لانتاج المولدات الكهربائية، تزيد عن 270 مليون دولار بلائحة هذا العام، وهو شهير في بريطانيا بتبرعه في الماضي بمبلغ 40 مليون إسترليني لجامعة Hull كما لمصلحة الرعاية الصحية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
  • العربية
التاريخ: 

الثلاثاء، 1 مايو 2018

العفو والتسامح


يذكر التاريخ في سنوات العهد العنصري ، ان رجلاً أسوداً مر عن طريق الخطأ بجوار مزرعة للخيول للسادة البيض ، فقبض عليه وأتهمه بمحاولة سرقة خيله ، وعبثاً حاول المسكين اقناع السيد انه كان يختصر الطريق الي بيته بعد قضاء يوم عمل متعب ، لكن السيد لم يقتنع ، وقطع كف السارق البرئ ، وابتلع الرجل الاسود آلامه ومضي الي كوخه مغلوباً علي امره، ومرت سنوات وجاء يوم ضل فيه الابيض الطريق ، ووجد نفسه وحيداً ، وسط الاحراش ،فأعياه التعب ونام ، واستيقظ ليجد نفسه أمام رجل أسود يقدم له كأساً من اللبن ، وبينما هو يتناول كأس اللبن لمح اليد المعوقة تتدلي بلا كف من كتف الرجل الفقير ،وعلي الفور تذكر ملامحه وعرف انه الرجل الذي كان قد قطع كفه بتهمة السرقة ، خاف الرجل الابيض ولم يجد ما يقول .. وقبل ان تخرج من فمه كلمات الاسترحام ، قال : الرجل الاسود لاتخف بالرغم من ان الانتقام له اغراء شديد ، الا اني قررت ان اقاومه بكل ما استطيع .