(1) معظم القادمين من خارج البلاد يحملون فهم متقارب حول التدين وحرية العبادة في ارتريا ، وخاصة المسلمين ، وقد تفاجأ الزملاء حينما وجدوا اسمرا تعلوها مآذن المساجد ، واطمئنت القلوب اكثر عند اكتظاظها بالمصلين ، فقد عبر لي الكثيرون عن ارتياحههم بعد الصدمة الاولي من خلوا المعهد من مسجد للاداء الصلوات ، والبعض همس في اذني حينها ما اذا كانت الصلوات مسموح بها في داخل المعهد ! ؟
(2) ولهذا قد أقمنا مسجداَ في المعهد للاداء الصلوات الخمسة ، واخترنا ملعب الكرة الطائرة الدائم الاخضرار ، وبدأنا الصلاة الجماعية فيه بمجموعة بسيطة افرادها شخصي الضعيف ، جعفر، وعبدالرحيم عمر ، وعبدالعزيز ، ورمضان ، ومحمد عثمان ، وليد حسن ،وغيرهم ، وثم تعدي الرقم الي عشرات الاضعاف ، واضعاف الاضعاف في الشهر الفضيل ، ورتبنا شيخاً وهو الزميل رمضان الذي اتي من دولة جيبوتي ، اصوله من منطقة صنعفي ، كان قارئا جيداَ ، ومجودا للقران الكريم ، وقد كانت لنا حلقات ذكر يومين لمن اراد في كل اسبوع ، أما المؤذن كان الزميل وليد حسن ، ارتري من مواليد القضارف من ام سودانية ، ويتميز بصوت جهوري لرفع الاذان ، وكثيرا ما اشتكي غير المسلمين علي رفع الاذان في صلاة الفجر بحجة ازعاجهم اثناء الراحة ويتنافي مع الحرية الدينية ، ولكن رفض من قبل ادارة المعهد ، مع انذار غير محمود العواقب .
(3) مع اقتراب موعد شهر رمضان ، طلبت منا ادارة المعهد كشف باسماء الصائمين ، وقد مررنا في كل غرف السكن وحصرنا كل من يريد الصيام وما لاحظته ان كثير من الشباب اخذتهم الغيرة وسجلوا حتي ان بعضهم كنا نعتبرهم غير مسلمين ، وهذا دعم موقفنا بتخصيص موعد لتناول الافطار الجماعي في صالة الطعام او في ملعب الكرة اذا لم يكن فيه نشاط رياضي ، وخصص لنا عاملين بشكل رسمي ووجبات تناسب الصائم ، واحضر لنا العجوة والعصائر ، وايضا الكسرة ، وبمساعدة الاخوات الزميلات ، كنا نعد العصيدة أحياناً، بالزبادي لعدم وجود (الويكة) ،واظن تحصلنا عليها في الفترة الاخيرة لا استحضرها مرة او اكثر واكلنا ملاح النعيمية .
(4) في حالة نزول الامطار أو انشغال الملعب كنا نفطر في القاعة ، ونؤدي التراويح فيها ، ومن جمائل الادارة انها سمحت لنا حرية الحركة خارج المعهد ، وهذا اعطي انطباع رائع للمتدربين عن احترام الاديان في ارتريا ، وبنهاية اليوم الدراسي كنا ندخل المدينة ، ونزور ذوينا واصدقائنا ، ونستمتع بأداء صلاة العشاء والتراويح في مساجد اسمرا وخاصة جامع الخلفاء الراشدين ، كانت زميلاتنا ملازمة لنا في كل شهر رمضان في الاعداد والصلوات ، واستحضر منهن للمثال لا الحصر ، صفية بشير ، وصفية عبدالرحمن ، واخلاص يوسف ، وفاطمة محمد عمر ، سعاد أركا ، خديجة ، اسيا ، حنان عثمان ، وغيرهن .
(5) من طرائف شهر رمضان المعظم الاخ المؤذن قبل ان يري الساعة في يوم العطلة الاسبوعية ، رفع الاذان الاول وكنا نسميه تجاوزاً (اذان السحور ) وفي اثناء تناول السحور وغالبا يحتوي علي الرز وبعض العصائر ، او اللبن ، دون حسبان انقشع السحاب وخرجت الشمس علينا في عز الضحي .. حتي البعض منا تقيئ من شدة المفاجئة . وفي ذلك اليوم الكل كان عليه واجب القضاء الا مجموعة (حكيم وصغيرون ) التي تتناول السحور من مراقدها ، وقلّما تحضر السحور الجماعي ، وهي مجموعة متميزة في الفن والادب ، والقراءة والاطلاع ، وغرفتهما صامتة او مولعة بالنقاش .
(6) وصلينا العيد في مسجد الخلفاء الراشدين ، وبعد الصلاة توزعنا في بيوت الاصدقاء والزملاء ، والاهالي ، وقلة هي التي لم تجد ، فرصة قضاء العيد مع الاسر ، وهذا لم يكن الا بمحض ارادتهم ، لان البعض سافر الي المدن الاخري ، القريبة مثل كرن ومندفرا ، ومصوع ، وعدي قيح ، وهذا غيض من فيض من ذكريات الشهر المبارك ، واذا كان هنالك ما تبقي من الذكريات رجاء من الاخوة والاخوات الزملاء المشاركة ،وحتي لقائنا في حلقة قادمة الي اللقاء .