الاثنين، 30 ديسمبر 2019

أيها الاِرتريون .. قِفُوا نَبْك علي اللَّبن المَسكُوب !







‏(1) كثيراً ما تمر علينا مقالات واحاديث النهي عن البكاء في الامور ‏التي مضت وانتهت ، وعدم الاكتراث والتوقف عندها ، حتي لاتسرق ‏منا الحاضر والمستقبل ، ومن يفعل ذلك نصفه كمن يبكي علي " ‏الللبن المسكوب " وهو توصيف رائع اذا كان الامر كذلك .. ولكن اذا ‏كان الامر يتجاوز حدود المعقول ، ويملأ اللبن المسكوب مجاري ‏الاودية والفيافي ، ويغطي السهول وسفوح الجبال ، لاشك ان الامر ‏جلي ويستحق التوقف والبكاء عليه حسرة وتندماً . ‏
‏(2) بعض شعوب العالم تقيم مهرجاناتها باعدام الاطنان من الطماطم ، ‏حتي لو دولتها لاتنتج محصول تلك النعمة المهدرة تستورده من ‏الخارج للاقامة المناسبة الاحتفالية ، وهي عادة وثقافة شاذة تخالف ‏الطبع الانساني .. والمشهد وان كان يسوقنا للحزن اكثر من الفرح اذا ‏ما قورن الحدث بحوجة الانسانية للثروة المهدرة في امور فارغة .. الا ‏انه لايقل اهمية من ثرواتنا كارتريين التي تهدر بلا وعي او بوعي .‏
‏(3) لاننا نحن الارتريون اصحاب قضية ، بمعني اننا مدانون للوطن ‏بالغالي والنفيس ، نسترخص الارواح والمهج للاجل استقلاله وبقائه ‏حرا وسيداً علي نفسه علي الاقل اسوةً ببقية شعوب العالم ، ولذلك لم ‏يتوان الاجداد والاباء في الجهاد والنضال المستميت للاجل استرداده ، ‏لذا تسمي "ارتريا هدية الشهداء " وهي أمانة في اعناقنا ، واذا كان ‏الاباء حرر البلاد من المستعمر البغيض ، فقضية استرداد الحقوق من ‏النظام الحاكم المستبد هي مسؤولية الجيل الحالي ، فالاحق ان تموت ‏النفوس في ارضها وهي تطالب و تقاتل الاخطبوط البشري الجاثم علي ‏صدر البلاد ، بدلا من الموت في الصحاري والغرق في البحور ، ‏الاحق بنا ان تموت بكل شرف ونسجل اسمائنا في سجل الخالدين ‏الابرار بدلا من ان نكون اسماء في طي النسيان .. كما القائل : ‏‏"اذاكان من الموت بد فمن العار ان تموت جباناً" ، الموت في تاريخ ‏الشعب الارتري فراسة وامنية ، مادام للاجل امر مقدس كالموت في ‏سبيل الوطن واسترداد الحقوق .‏
‏(4) فيا اخوتي ماذا تنتظرون من كوارث الحياة أكثر من حالنا ؟؟! ‏الموت المجاني في عرض البحر ، الموت المجاني في قفر الصحاري ‏، البيع المجاني لتجار البشر ، العرض المنتهك في كل بقعة وشبر ‏العالم ، أي كارثة تنتظرون ؟؟ اسوأ من حالنا البائس شباب لايفكر الا ‏بالفِرار بجلده ، وينسي ابيه المعتقل وامه المغتصبة واخته المستباحة ‏‏!! من ننتظر ان يأخذ بثارنا ؟ من ننتظر يقتلع قاتلينا وجلادينا ؟؟ من ‏ننتظر ان يزيل نظام يهجر ويبيع ويشتري فينا وفي اراضينا ؟؟ ‏
‏(5) الوضع كارثي حينما نخرج من الوطن بثقوب لاتُري بالعين ‏المجردة ، وبكفالة تقدر بآلاف الدولارات ، وعندما نصل الي بر ‏الامان بارواحنا ننسي قضيتنا وقضية شعبنا ، ننسي حتي من دفع لنا ‏فدي العبور الي الدول التي جعلناها غاية لنا ، ولانكتفي .. بل نصرف ‏الاموال ونهدرها في اقامة مهرجانات الشقاق والسباب ، ومناسبات ‏الافراح والاعراس ، غير مكترثين بالجوعي والمحتاجين في داخل ‏الوطن وفي مخيمات اللجوء ، حتي اضحت سيرتنا حديث القاصي ‏والداني .‏
(6) فاذا كانت بعض الشعوب تتلاعب بالنعم فهي تملك قرارها وتتحكم في حكم اوطانها ، فنحن نتفاخر ‏ونتباهي في غير بلداننا ، ونصرف الغالي والنفيس في امور ليس من أولوياتنا ، وشعبنا يئن من ‏الجوع والعذاب ، افيقوا ايها الناس يرحمكم الله ، وضعوا التباهي جانباَ ، وتحرروا من شرور النفوس ‏وحكم الشيطان ، وتمسكوا بحبل الوفاق ، واستعينوا بسبل تعجل برحيل النظام ، لا احد سوف يزيله ‏عن صدر الوطن الا نحن ،، ولايمكن ان تقيف قوة في الارض امامنا اذا ما توحدنا في الهدف قولا ‏وعملاً .‏


(7) فصدقاتنا وذكاواتنا وتبرعاتنا ومنصرفات احتفالاتنا ومناسبات افراحنا يجب ان تسخر لجبهة ازالة ‏النظام ، واقامة دولة المواطنة والقانون ، نتجنب الفرقة والشتات وتجمعات المؤتمرات الجهوية ، ‏ونصرف المال في التعليم واعانة المحتاجين .. وتنمية مراكز الوعي الوطني ،، فالحلول في ايدينا .. ‏فلولم يحدث ذلك ليس بمقدور أحد فينا سوي الوقوف والبكاء علي اللبن المسكوب ، حتي يكتب الله ‏أمراً كان مقضياً .‏